حكمة الجدة وحبوب القهوة
في قرية صغيرة عاشت امرأة عجوز مع حفيدها. كانت هذه العجوز امرأة حكيمة تُعرف بحكمتها ونصائحها القيمة. وكان حفيدها، الصبي الصغير، مولعاً بجدته وكان يتعلم منها كل يوم.
في أحد الأيام، شعر الصبي بالضيق من صعوبات الحياة وتحدياتها، فجاء إلى جدته وقال: "جدتي، أنا أشعر بالإحباط. لا أدري كيف أواجه هذه المشاكل التي تبدو أكبر مني بكثير. أشعر أني أواجه مصاعب لا أستطيع التغلب عليها".
ابتسمت الجدة بحنان وأخذت يد حفيدها وقالت: "تعال معي إلى المطبخ". هناك، وضعت ثلاث أوانٍ مملوءة بالماء على الموقد. بعد قليل، بدأت الماء في الغليان. وضعت في الوعاء الأول جزرة، وفي الوعاء الثاني بيضة، وفي الوعاء الثالث حبوب قهوة.
تركتهما الجدة على الڼار لفترة، ثم أطفأت الموقد. أخرجت الجزر ووضعته في طبق، ثم أخرجت البيضة ووضعتها في طبق آخر، وأخيراً صبت القهوة في فنجان.
نظرت الجدة إلى حفيدها وسألته: "قل لي يا بني، ماذا ترى؟"
قال الصبي: "أرى جزرة، بيضة وقهوة".
ابتسمت الجدة وقالت: "نعم، لكن تأمل جيداً ما حدث لكل منها. الجزرة التي كانت قوية وصلبة أصبحت الآن لينة وضعيفة. البيضة التي كانت هشة من الداخل صارت صلبة. أما حبوب القهوة، فقد غيّرت الماء ذاته".
ثم واصلت الجدة قائلة: "نفس الشيء يحدث لنا في الحياة. المشاكل والتحديات مثل الماء المغلي، يمكن أن تغيرنا بطرق مختلفة. يمكن أن نصبح مثل الجزرة، نخسر قوتنا ونصبح ضعفاء. أو يمكن أن نصبح مثل البيضة، نبدو كما نحن من الخارج لكن نصبح قاسين من الداخل. أو يمكن أن نكون مثل حبوب القهوة، نغيّر الظروف حولنا بشجاعتنا وصبرنا".
أدرك الصبي الحكمة في كلام جدته، وشعر بالراحة. فهم أن القوة الحقيقية ليست في عدم مواجهة المشاكل، بل في كيفية التفاعل معها وتغييرها لصالحنا.
ومنذ ذلك اليوم، كلما واجه الصبي تحدياً، تذكر حكمة جدته واختار أن يكون مثل حبوب القهوة، قوياً ومؤثراً في تغيير الظروف من حوله.